السلام عليكم
أدا اردت أن تعرف طفلاً فتابعه أثناء اللعب" هكذا يقول خبراء التربية والمهتمون بالتعليم من خلال اللعب، فملاحظة الطفل أثناء لعبه يمدنا بمادة خصبة يمكننا من خلالها التعرف على شخصيته وطريقة نموه ونقاط قوته وضعفه وطريقة تفكيره وتفضيلاته...
ومن خلال اللعب أيضا يستكشف الأطفال أنفسهم وأجسامهم والعالم المحيط بهم، وعلاقاتهم مع الآخرين. فالأشياء التي يتابعها الأطفال كثيرة، واللعب يساعدهم على تنمية مهاراتهم اللغوية والجسمية والحركية والوجدانية والاجتماعية. فالصغير الذي يقذف لعبته مرارًا يلعب، وفي نفس الوقت يتابع ويلاحظ ما يحدث: ما الصوت الذي يتبع القذف؟ هل هو نفس الصوت الناتج عن قذف المكعب على البساط؟ هل ستبتسم الأم؟ هل ستناوله المكعب مرة أخرى؟...
فوائد اللعب التخيلي
وإذا تابعنا الطفل أثناء اللعب أيضًا، نجده يقول عبارات مثل: "سأعد المائدة، ثم نجلس لتناول الطعام". على بساطة هذه اللعبة إلا أننا لو دققنا لوجدنا أنها تعلم الطفل أمرين هامين -على الأقل- كاستخدام صيغة "المستقبل"، وتتابع الأفكار، كما تعبر أيضا عن نمو هاتين القدرتين لديه.
كما أن الألعاب التخيلية تساعد الأطفال على استكشاف مواقف وأدوار لاحظوها كدور الأم والأب والمعلم، وماذا يفعل كل منهم في المواقف المختلفة. فإذا ما أخذ الوالدان دورًا حيويًّا في لعب أطفالهم، فإن هذا اللعب يمكن أن يساعدهم في بناء تقديرهم لذاتهم، خاصة إذا قام والداه بالثناء على طريقة لعبه أو منحه تشجيعًا لطريقة تفكيره أو تصرفه خلال اللعب وغيره الكثير مما يمكن للعب أن يبثه في نفس الطفل.
مراحل اللعب
يطور الطفل لعبه أثناء نموه جسمانيًّا ووجدانيًّا وعقليًّا. فقد وصف عالم النفس السويسري "جان بياجيه" مراحل اللعب سنة 1962 كالآتي:
أولاً: اللعب الحسي حركي
في هذا النوع من اللعب يختبر الأطفال أحاسيسهم وحركاتهم. ففي سن 6 أشهر ينمي الأطفال طرقًا بسيطة -وثابتة- لإحداث أشياء ممتعة من خلال التجربة والخطأ. فالطفل يدفع الكرة مرة بعد مرة ليراها تتحرك، وبينما يكبر ويملك مهارات حركية أعلى وأكثر، تنمو الحركات البسيطة السابقة لتصبح أكثر تناسقًا وتعقيدًا. وعند سن 9 أشهر نجده يفهم أن نتيجة دفع الكرة تدحرجها، وعند سن 18 شهرًا يبدأ برؤية العالم في شكل رمزي، ويبدأ في فهم وظائف الأشياء، فهو يُطعم الدب الصغير بالملعقة، أو يقدم له شرابًا "تخيليًّا" في كوب "فارغ"، وهكذا...
الموسم الزاخر للعب
ثانيًا: اللعب الرمزي:
يطلق الباحث النفسي "دوروثى سنجر" في "جامعة يال" الأمريكية على هذه المرحلة "مرحلة الموسم الزاخر للعب". إذ إن هذا اللعب -الرمزي- يبدأ في استبدال شيء بآخر.
فنجد مثلاً الطفل في سن 3 - 4 سنوات يستخدم الوسادة كتلّ يمكنه أن يصعده، وبكرة المناديل كمكبّر صوت ينادي به الأعضاء الأبعد في اللعبة ولو تخيليًّا.
وفي سن 4 - 5 تبدأ أفكار الطفل وخبراته مع الأسرة والحياة الاجتماعية تمده بمواد جيدة وموضوعات وأفكار للعب، مثل: لعبة البيت؛ قيادة السيارة؛ الزيارات الأسرية؛ طهي الطعام. وأغلب اللعب الرمزي يكون مع الأتراب في البيت أو المدرسة، أو حتى مع الكبار.
وفي هذه السن أيضا يستمتع الأطفال باللعب البنائي مثل بناء المكعبات وما شابهها، والتحكم في أجسامهم وحركاتهم، وتحويل اللعب إلى أشياء ومغامرات تخيلية، كأن يتخيل الطفل نفسه في سفينة فضاء، أو طائر، وهكذا...
ويصبح الطفل أكثر استمتاعًا باللعب المنظم المحكوم بالقوانين والقواعد عند سن 5 سنوات، وقد يضم هذا اللعب طرفين أو أكثر مثل: الشطرنج والسلم والثعبان وغيرهما من الألعاب الجسمانية الحركية المحكومة بقواعد (كالعسكر والحرامية).