بيان بمناسبةاليوم العالمي للمرأة

بيان بمناسبةاليوم العالمي للمرأة

يخلد منتدى الزهراء للمرأة المغربية اليوم العالمي للمرأة في ظل معطيات دولية ووطنية تتميز بتزايد الإحساس بقيمة المساواة بين الرجل والمرأة وضرورة العدل بينهما حتى تصل البشرية إلى ذلك التكامل الخلاق بينهما من أجل تحقيق مستقبل أفضل للعالم تسود فيه قيم العدالة والحرية والكرامة والسلام، كما تميزت هذه السنة بتزايد معاناة النساء ومواجهتهن للعديد من التحديات من جراء نظام دولي أحادي ظالم تتحكم فيه الإدارة الأمريكية وحلفاؤها.

ففي فلسطين تعيش المرأة الفلسطينية تحت نير الاحتلال الصهيوني، وتواجه بشكل يومي أبشع صنوف القهر والإذلال وتزايد مسلسل التقتيل والتدمير في حق الشعب الفلسطيني الذي يقاوم بكل شجاعة همجية الاحتلال الصهيوني ، كما تواجه المرأة في العراق ظروفا قاهرة من جراء الاحتلال الأمريكي وسيادة أجواء الحرب وما تتميز به من ترويع وتقتيل ودمار، كما تعاني المرأة في الصومال ضروبا من القهر والحرمان بفعل أجواء الحرب وانعدام الأمن.

وفي العالم العربي والإسلامي، ورغم تحقيق مجموعة من المكتسبات الرامية إلى تحقيق المساواة العادلة بين الرجال والنساء وتعزيز تكافؤ الفرص بينهما وضمان حضور أكبر للمرأة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فإن المرأة العربية والمسلمة مازالت تعيش العديد من مظاهر الظلم والتهميش على العديد من المستويات، ذلك أن الإحصائيات المرتبطة بالتنمية البشرية تشير إلى ارتفاع مؤشرات الأمية وتزايد نسب الفقر والبطالة والتهميش الاجتماعي في أوساط النساء، واستمرار معاناتهن في مجال الصحة الإنجابية والاستفادة من الخدمات الاجتماعية، وتزايد مظاهر امتهان المرأة واحتقارها من جراء تنامي شبكات الدعارة والتجارة في أجساد النساء وأعراضهن. أما على الصعيد الوطني، فإن المرأة المغربية، وهي تواصل بإصرار مسيرة النضال من أجل حياة كريمة، فهي تواجه بدورها العديد من الاختلالات على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والقانوني،

فرغم إقرار مدونة جديدة للأسرة سنة 2004 بكل ما اشتملت عليه من مقتضيات هامة تضمن حقوق المرأة والرجل والطفل على حد سواء، وتساهم في تعزيز قيمة الأسرة ودورها في خدمة التماسك الاجتماعي، فإن التطبيق العملي يكشف عن وجود العديد من الثغرات التي تتطلب تضافر الجهود من أجل مقاربة شمولية مندمجة يتكامل فيها البعد القانوني مع الأبعاد التربوية والاجتماعية والثقافية، وهو ما يستدعي أدوارا جديدة للمجتمع المدني تركز على التنشئة الاجتماعية والرعاية التربوية وإشاعة ثقافة جديدة في العلاقة بين الرجل والمرأة تسعى إلى ترسيخ قيم التكامل والسكينة والاحترام المتبادل وتقدير قدسية الحياة الأسرية والرفع من مكانتها في وعينا المجتمعي المعاصر.

أما على المستوى الاجتماعي والاقتصادي فإن المرأة المغربية مازالت تقدم ثمنا غاليا من جراء الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية للدولة التي تكرس منطق اقتصاد السوق دون مراعاة التوازنات الاجتماعية الأساسية، وهكذا تراجعت الخدمات الصحية المجانية وتزايدت البطالة في صفوف النساء وخاصة منهن حاملات الشواهد العليا، اللواتي لا يسلمن من بطش السلطة كلما حاولن المطالبة بحقهن في الشغل، كما سجل منتدى الزهراء للمرأة المغربية استقرار نسبة الأمية في أوساط النساء في معدلات مقلقة، وزيادة نسبة الفقر خصوصا مع التسريحات المتتالية للعديد من العاملات من جراء الإغلاقات المتتالية للعديد من المعامل وهو ما ينذر بأزمة اجتماعية خانقة، وعدم احترام حقوق النساء العاملات كما تنص على ذلك مدونة الشغل، واستمرار مظاهر العنف واستغلال جسد المرأة في العديد من المجالات الإعلامية والإشهارية واستمرار التمييز بين النساء على أساس اللباس، وحرمان بعض النساء المحجبات من ولوج العديد من الوظائف والمهن خصوصا في مجال الإعلام والأبناك وبعض الشركات الخاصة.

إن منتدى الزهراء للمرأة المغربية وهو يرصد هذه الأوضاع يطالب بما يلي:

إقرار استراتيجية وطنية شاملة للنهوض بأوضاع المرأة والأسرة، على ضوء الخصوصيات المحلية والثوابت الوطنية، وملاءمة القوانين الوطنية مع المواثيق الدولية مع إقرار حق التحفظ حول المقتضيات التي تمس بالشريعة الإسلامية أو بالسيادة الوطنية.

سن قوانين لحماية النساء من العنف بكافة أشكاله ومن الاستغلال والتحرش الجنسي، والضرب بقوة القانون على شبكات الدعارة المنظمة.

إقرار الحقوق الاجتماعية للنساء العاملات وتحمل الدولة لمسؤولياتها في مجال الرعاية الاجتماعية والخدمات الصحية الخاصة بالنساء.

إقرار حق الشغل بالنسبة لحاملات الشواهد العليا، والكف عن استخدام لغة العنف والترهيب ضد مطالبهن المشروعة.

مراجعة سياسة الزيادات المتتالية في الأسعار وخاصة في المواد الأساسية، وذلك باعتماد سياسة اجتماعية تراعي الفئات الفقيرة والمحتاجة وتحافظ على تماسك الفئات الوسطى.

معالجة الاختلالات التي كشف عنها التطبيق العملي لمدونة الأسرة عبر مقاربة مندمجة تستند على الأساس القانوني والجانب التربوي والرعاية الاجتماعية و الحكامة القضائية الجيدة.

احترام مقتضيات مدونة الشغل خاصة المقتضيات المتعلقة بحماية الأمومة والطرد التعسفي.
إقرار قانون واضح يمنع التمييز على أساس اللباس، ويقر حق النساء المحجبات في ولوج الوظائف والمهن انطلاقا من مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص.

و ختاما يتوجه منتدى الزهراء إلى المرأة المغربية وإلى المرأة العربية والمسلمة وإلى نساء العالم، بالتحية والتقدير، ويهنئهن على ما حققن من إنجازات ومكتسبات، كما يهنئ العائلات الصحراويات التي التحقت أخيرا بأرض الوطن و يطالب المنتظم الدولي بجعل حد لمعاناة النساء الصحراويات المحتجزات في مخيمات تندوف حتى تتمكن المرأة الصحراوية المعذبة بهذه المخيمات من استعادة سعادتها وابتسامتها في بلدها المغرب، كما يتوجه بتحية خاصة إلى المرأة الفلسطينية والعراقية وإلى جميع النساء اللواتي يناضلن من أجل رفع الاحتلال

إمضاء: د. سمـيــة بن خــلــدون